29 April, 2008

التنسيق والتعاون بين المكتبات وتأثيراته على تنمية المقتنيات


إعداد
الأستاذ الدكتور /أحمد على محمد تاج
استاذ المكتبات و المعلومات بقسم المكتبات كلية الآداب جامعة المنوفية
أولا التنسيق
التنسيق لغة هو التنظيم . كما أن له معاني أخرى , وأهمها الربط والترابط بين الأشياء وبين الأمور , وعطف بعضهما على البعض الآخر , والمتابعة بينهما .
والتنسيق بهذا المفهوم يبني وضع الأشياء والأمور في الشكل الذي يحقق الإفادة منها , وعلى أفضل نحو ممكن .
وبهذا المفهوم أيضا , فإن التنسيق في مجال المكتبات , يعني تنظيم موارد وخدمات مؤسسات الخدمة المكتبية , وعطف بعضها على البعض الآخر . وذلك في سبيل تحقيق هذه المؤسسات لأهدافها , وبالقدر المطلوب.
أهمية التنسيق بين المكتبات
يكتسب التنسيق بين المؤسسات الخدمة المكتبية أهمية كبيرة . وذلك في ظل ما تتعرض له هذه المؤسسات في الوقت الحاضر , وما تواجهه من تحديات : ضغوط إقتصادية , وضغوط فنية وإدارية. تتمثل في ضالة الموارد المالية المخصصة في المكتبات . ونقص العنصر البشري المؤهل للعمل في هذه المؤسسات ؛ والمتوافر للمكتبات من مقومات الخدمة المكتبية وخصوصا مجموعة الأوعية . إضافة إلى رغبة المكتبات النوعية مختلفة في مواكبة العصر , وتقديم خدماتها وأنشطتها من خلال أحدث تكنولوجيات جمع وتنظيم وحفظ وإسترجاع المعلومات ومصادر هذه المعلومات . فمن خلال التنسيق , يمكن للمكتبات المختلفة أن تخفف من حدة الضغوط . كما يمكنها أيضا مواجهة التحديات المختلفة .
وعلاوة على ذلك , فإن التنسيق بين المكتبات له أيضا أهميته - بل وحتميته - التي تأتي من الإعتبارات التالية
تقارب أهداف المكتبات
فالمكتبات , على إختلاف أنواعها وأحجامها , وتهدف دائما إلى تيسير مصادر المعلومات لأفراد المجتمع الذي توجد المكتبة لخدمته.
فالمكتبة العامة مثلا , تعنى أساسا بتوفير المعلومات , وتقديم الخدمات لمختلف فئات المجتمع بالمنظمة حولها .
والمكتبة المدرسية تهتم بتقديم خدماتها وأنشطتها وتيسير مصادر المعلومات لمجتمع مدرستها , بل وللمجتمع حول المدرسة أيضا . والمكتبة الجامعية توجه خدماتها لمجتمع الجامعة بفئاته المختلفة من طلاب وأعضاء هيئة التدريس وغيرهم من العاملين بالجامعة . والمكتبة المتخصصة توجه خدماتها لمجموعة من الأفراد في نطاق الهيئة أو المؤسسة . أو المنظمة التي توجد هذه المكتبة لخدمتها .
وهكذا تتقارب أهداف المكتبات , مما يجعل التنسيق بين هذه المؤسسات له أهمية في تحقيق أهداف هذه المؤسسات في تيسير مصادر المعلومات لروادها , وتقديم الخدمات والأنشطة المختلفة بشكل أفضل .
قصور موارد المكتبات
فموارد المكتبات . وكما يقولون . ليست بلا حدود . وإنما هي دائما محددة أو محدودة .
بل وقاصرة في أغلب المكتبات . حتى أن أغلب المكتبات وخصوصا في الأقطار النامية تعاني من قصور واضح في الموارد المادية من مباني وأثاث وتجهيزات , وكذلك قصور في الموارد البشرية . إضافة إلى القصور في مقتنيات المكتبات من أوعية المعلومات .
وليس من شك في أن هذا القصور يمكن تغطيته من خلال عملية التنسيق . فالتقص في الموارد وخصوصا المقتنيات بإحدى المكتبات , ويمكن تعويضه بموارد المكتبات الأخرى .
توسيع رقعة الإفادة من المكتبات
وهذه المسألة لها أهميتها بالنسبة للمكتبة العامة بوجه خاص . حيث أظهرت الدراسات الميدانية للخدمة المكتبية العامة , في أكثر من إقليم من أقاليم مصر , أن معدل ارتياد المكتبة العامة يأتي في حدود 1 في المائة فقط من مجموع السكان في المنطقة حول المكتبة .
ومن خلال التنسيق بين المكتبات العامة , وبين المكتبات المدرسية مثلا , سوف تتاح للطلاب بالمراحل التعليمية المختلفة . فرص ارتياد المكتبة العامة , في أوقات لا تتاح لهم فيها فرص ارتياد مكتبات مدارسهم . وذلك في أيام العطلات الأسبوعية , وفي خلال الأجازات الصيفية , وفي فترات المساء , بعد أن يعود التلاميذ إلى منازلهم عقب إنتهاء اليوم الدراسي .
وهذا بطبيعة الحال من شأنه توسيع رقعة الإفادة من خدمات المكنبة العامة . ومن ثم تنشيط استخدام مجموعة مقتنياتها من أوعية المعلومات .هذا من ناحية.
ومن ناحية أخرى , هنالك أطفال (من غير طلاب المدرسة ) , يعانون من إعاقات بدنية أو ذهنية . ويحتاجحون بالتالي إلى عناية خاصة . وهذه قد لايجدها هؤلاء الأطفال في المكتبة العامة . ولكنها قد تكون موجودة في المكتبة المدرسية : حيث المكتبي المؤهل تأهيلا تربويا ونفسيا . وبما يعطيه القدرة على فهم نفسية الطفل وتفهم احتياجاته وتقديم مصادر المعلومات التي تناسبه .
ومن خلال التنسيق بين المكتبة المدرسية والمكتبة العامة , يمكن لهؤلاء الأطفال ارتياد مكتبات المدارس , مما ينشط من استخدام مقتنياتها من أوعية المعلومات , فتتحقق لهذه المجموعة التنمية المطلوبة .
تحسين الأداء في المكتبات
فالتنسيق في مفهومة العام توجيه سياسات الإقتناء وبالشكل الذي يحقق أهداف المكتبات وذلك من خلال عناصر أساسية هي التوازن , والتوقيت , والتكامل .
والتوازن يستهدف تزويد المكتبات المختلفة بإحتياجاتها من أوعية المعلومات . و بما يحقق لهذه المكتبات المزيد من الفعالية في تقديم خدماتها وأنشطتها المختلفة لمجتمعاتها .
أما التوقيت , فأنه يعني إقتناء الأوعية حين طلبها , وبدون تأخير , وقد يترتب عليه تعطيل أو إعاقة خدمات المكتبة.
أما التكامل , فإن فيه الضمان لتوفير الأوعية المطلوبة لكل مكتبة من المكتبات المتناسقة . وبما يساعد هذه المكتبات على تحقيق أهدافها الفرعية , التي تخدم الأهداف العامة للمكتبات جميعا .
وهكذا يؤدي التنسيق إلى تحسين واضح في أداء المكتبات المختلفة .
هذا ويمكن أن يشتمل التنسيق في مجال مقتنيات المكتبة من أوعية المعلومات , ما يلي
تيسير إستخدام الأوعية للمكبات المختلفة . وبما يكفل تغطية النقص من هذه الأوعية في مكتبة من المكتبات , بأوعية المعلومات المتوافرة في المكنبات الأخرى .
الإعلام بالإضافات الجديدة للمقتنيات في المكتبات المختلفة من خلال نشرات دورية بهذه الإضافات , وذلك حتى يمكن التعرف على الأوعية التي تم إضافتها لكل مكتبة من المكتبات المتناسقة . وبالتالي يمكن تجنب تكرار الإقتناء . فإن مثل هذا التكرار هو بدون شك إسراف من جانب المكتبات , لامبرر له وخصوصا عندما تكون المكتبات في مرحلة التكوين .
إنشاء فهرس موحد لجميع المكتبات المتناسقة . فهذا من شأنه الإعلام بمقتنيات المكتبات . وكذلك تيسير الوصول إلى أقرب مكتبة للمستفيد , من المكتبات التي تمتلك الأوعية المطلوبة .
وبهذا يحقق التنسيق بين المكتبات التنمية المطلوبة لمقتنيات هذه المكتبات .
ثانيا التعاون
التعاون بمفهومة البسيط هو العمل سويا من جانت مجموعة من الأفراد أو الجماعات أو الهيئات أو المؤسسات والمنظمات , من أجل تحقيق أهداف معنية تهم الأطراف المتعاونة .
والتعاون بين المكتبات , يعني تسهيل مهمة كل مكتبة من المكتبات المتعاونة في الحصول على أوعية المعلومات . وفي تنظيم هذه الأوعية التنظيم الفني المطلوب , وأيضا في تيسير هذه الأوعية أي إتاحتها للإستخدام من جانب المجتمعات التي توجد المتبات لخدمتهم .
وعادة ما يتم التعاون بين المكتبات في ضوء قواعد أو أسس . تتفق عليها المكتبات فيما بينها . وتلتزم كل منها بهذه الأسس.
وعادة ما تلجأ المكتبات إلى التعاون فيما بينهما , بسبب نقص مواردها المالية مثلا ,
أو لعدم كفاية مقتنياتها من أوعية المعلومات . ولهذا فأنها تلجأ إلى التعاون لتغطية النقص في الموارد . ولتحقيق وفورات في عملياتها وخدماتها المختلفة بدءا من التزويد ومرورا بالعمليات الفنية من فهرسة وتنصيف وإنتهاء بخدمات المكتبة وأنشطتها المختلفة .
هذا . ويمكن أن يتم التعاون بين مكتبات من نوعية واحدة (مكتبات عامة مثلا , أو مكتبات مدرسية ) ويمكن أن يتم هذا التعاون بين مجموعة من المكتبات تقع داخل نطاق جغرافي مقيمة ( إقليم من الأقاليم مثلا أو محافظة من المحافظات) أو بين مكتبات تقع تحت سلطة إدارية واحدة , بصرف النظر عن إختلاف نوعيات وأحجام هذه المكتبات .
هذا , وتعتبر شبكات المكتبات التي تنتشر في مختلف الدول الأوروبية . شكلا من أشكال التعاون بين المكتبات .
أهداف التعاون بين المكتبات
بناء وتنمية مجموعة من مصادر المعلومات بأشكالها المختلفة . تمتلكها المكتبات المتعاونة .
التركيز من جانب مكتبة ما من المكنبات على حقل أو مجال معين من المجالات الموضوعية , في عمليات الإختيار التزويد . حيث يمكن تغطية المجالات الأخرى من خلال المكتبات الداخلة في مشروع التعاون .
التوفير في النفقات المالية اللازمة للإقتناء الأوعيه أو للعمليات الفنية , أو لتقديم الخدمات والأنشطة .
التوفير في الجهود البشرية التي تبذل في إجراء العمليات والخدمات المختلفة . حيث تتم المشاركة في هذه الجهود من جانب المكتبات المختلفة الداخلة في مشروعات تعاونية
حل مشكلة الإزدواجية في العمل بين المكتبات . حيث أن كل مكتبة من المكتبات تضطر -وفي غياب التعاون - إلى القيام بمفردها بجميع العمليات والخدمات والأنشطة مع مايترتب على ذلك من تكرار للجهود وتبديد لموارد المكتبات.
القضاء على مشكلة ضيق المكان وهي مشكلة تعاني منها معظم المكتبات في الوقت الحاضر
تطوير الكفاءات البشرية المتوافرة للمكتبات وذلك من خلال التعاون في مجال عقد الندوات والمؤتمرات والدورات التدريبية للعاملين
توسيع نطاق الخدمة المكتبية وتطوير مستواها : فمن خلال التعاون بين المكتبات يمكن تقديم تشكيلة عريضة من الخدمات والأنشطة حيث تتكاتف المكتبات في تهيئة مواردها وتوفيرها لتقديم الخدمات المختلفة للمستفيدين
المساهمة في توحيد الأنظمة والمعايير المكتبية المطبقة بين المكتبات
أشكال التعاون بين المكتبات
يورد خبراء المكتبات شكلين رئيسين للتعاون بين المكتبات هذه الأشكال هي
أولا التعاون في مجال مشاركة المصادر والموارد المحلية
والنشاطات التي يتم الإتفاق عليها لهذا الغرض ويشمل هذا الشكل من أشكال التعاون الأنشطة التالية
الإعارة المتبادلة بين المكتبات ولهذه أهميتها في تحقيق أقصى إفادة ممكنة من المصادر التي تمتلكها المكتبات المتعاونة حيث تكون هذه المصادر ومن خلال تبادل الإعارة -في متناول رواد جميع المكتبات المتعاونة
التعاون في مجال تبادل الخبرات والموظفين وخاصة المتخصصين منهم ولهذا التعاون أهميته في إنجاز العمليات المختلفة وتقديم الخدمات والأنشطة مما يؤدي إلى تنشيط مجموعة من المصادر التي تقوم عليها خدمات المكتبة وتدور حولها أنشطتها المختلفة
إهداء وتبادل المواد المكتبية المختلفة وخاصة المواد التي تزيد عن حاجة المكتبات أو التي يتم تخزينها في مخازن خاصة تابعة للمكتبة وهذا الإجراء له أهميته في أنه يؤدي إلى التخلص من أوعية معلومات لا تحتاج المكتبة إليها فتفسح بذلك المكان لإقتناء حفظ أو تخزين أوعية جديدة تحتاج إليها المكتبة فعلا كم أنه يؤدي في نفس الوقت إلى حصول المكتبة التي تتلقى الهدايا على أوعية المعلومات قد لا تتوافر في أسواق بيع هذه الأوعية أو في المعارض أوفي غيز ذلك بين أماكن عرض وبيع أوعية المعلومات
إعداد قوائم مشتركة بالإضافات الجديدة إلى المكتبات المختلفة وإن مثل هذه القوائم له أهمية في الإعلام بمصادر المعلومات في المكتبات المختلفة ومن ثم يمكن التوجه لإستخدامها وبذلك يكثر تداول هذه المصادر وتتحقق بذلك الأهداف التي كانت وراء اقتنائها
المشاركة والتعاون في بعض الأنشطة المكتبية مثل
إنشاء ورشة للتجليد بالنسبة للمواد المطبوعة أو لصيانة وترميم الأوعية السمعية والبصرية وأجهزة تشغيل هذه المواد وإن مثل هذه الورشة يمكنها تجليد الأوعية المطلوب تجليدها وبماصفات مناسبة تحددها المكتبات المتعاونة وبذلك يتم القضاء على مشكلة تكدس الأوعية المطبوعة في ورشات التجليد التجارية أو في مخازن المكتبة دون أن يتم تجليدها
كما أن هذه الورشة يمكن أن تقوم بإصلاح الأوعية غير المطبوعة وكذلك أجهزة تشكيل الأوعية وبهذا تصبح المواد جاهزة دائما للإستخدام وتكون أجهزتها هي الأخرى صالحة وجاهزة لهذا الإستخدام
ثانيا التعاون في مجال إقتناء الأوعية
ويأخذ هذا التعاون الأشكال التالية
الشراء التعاوني لأوعية المعلومات وخصوصا الأوعية غالية الثمن وهذا الشكل من أشكال التعاون يحدث غالبا بين المكتبات الجامعية وبين المكتبات المتخصصة وبموجب هذا التعاون تقوم كل مكتبة من المكتبات المتعاونة بالتخصص في إقتناء الأوعية حول موضوع معين ثم تقوم بإقتناء أ, جمع مل ما يمكنها إقتناءه أو جمعه من الأوعية التي تدور حول الموضوع وبعد ذلك ومن خلال ترتيبات تعاونية بين المكتبات المختلفة يصبح من حق أي مكتبة من المكتبات الداخلة في مشروع التعاون أن تستفيد من مقتنيات المكتبات الأخرى وتكون هذه الإفادة عادة من خلال الإعارة المتبادلة بين المكتبات
الشراء المركزي للأوعية
وبموجب هذه الطريقة تقوم مجموعة المكتبات المتعاونة بشراء ما يلزمها من أوعية المعلومات من خلال إحدى هذه المكتبات وغالبا ما تكون المكتبة التي تتولى هذه العملية هي المكتبة المركزية في تشكيل المكتبات حيث تقوم هذه المكتبة بشراء الأوعية لنفسها وجميع المكتبات الفرعية الداخلة في هذا التشكيل
وهذا النوع من التعاون -الشراء المركزي- يناسب بشكل أكبر المكتبات العامة
حيث تتشابه المقتنيات في مثل هذه المكتبات ويصبح الشراء المركزي هو الطريقة المفضلة لحصول على الأوعية المطلوبة ولما يوفره الشراء المركزي من وقت وجهد العاملين بالمكتبات إضافة إلى الوفورات المالية التي تتحقق غالبا عند شراء الأوعية بإعداد كبيرة وتعدد كبير من المكتبات
المراجع
1- أحمد علي محمد تاج 0 تخطيط الخدمة المكتبية العامة فى محافظة الشرقية 0- القاهرة : كلية الآداب ، 1991.
2- ثروت الغلبان 0 الخدمة المكتبية العامة فى محافظة الغربية : دراسة للواقع و تخطيط للمستقبل 0- طنطا : جامعة طنطا 0كلية الآداب ، 1994.
3- ابن منظور 0لسان العرب 0- القاهرة : دار المعارف ، 1981.ص 4412.
4- ياسر يوسف عبدالمعطى 0 تنمية المجموعات فى المكتبات و مراكز المعلومات 0- الإسكندرية :مركز الإسكندرية للوسائط الثقافية و المكتبات ، 1998.
5- ربحى مصطفى عليان 0
تنمية مجموعات المكتبة (التزويد) / ربحى مصطفى عليان، ‏يسرى ابوعجمية ؛ مراجعة و تقديم محمود احمد اتيم.- عمان :دار صفاء ، 2000
تحرير الطالبين
شريف حمدي محمود الخلفــــاوي
عمرو عبد الحليم عبدالحميد ناصف

No comments: