12 April, 2008

أثر بعض المخطوطات الهندية في الثقافة الإسلامية



مقال للدكتور عبد الفتاح غنيمة
إتصل المسلمون بالهند عن طريق الفتح , وقد بدأ ذلك الفتح حين وجه حجاج بن يوسف الثقفي إلى الهند في خلافة الوليد , ففتح السند سنة 91هـــ , ثم فتح حيدر أباد ورادر ملتان , وفي سنة 142 هــــ ولي أبو جعفر المنصور هشام بن عمرو التغلبي على السند فتوسع في الفتح شمالا , حيث فتح كابل وكشمير , وقد توالت حملات الفتح ونشر الإسلام على يد محمود غزنوي في القرن الخامس الهجري , وتيمور الذي فتح دلهى من مدن الهند . وقد شجع السلطان محمد الغوري على نشر الإسلام في الهند , ومثله فعل الخليجيون . ومن ثم انتشر الإسلام في السند والبنجاب وجنوب الهند وكثير من أنحائها .
وإذ تحقق فتح الهند أصبحت الأقاليم التي فتحها المسلمون جزءا من الدولة الإسلامية , وقد ورثت الحضارة الإسلامية من حضارة الهند الشيء الكثير , وتبادلت الدولتان العلناء , وكانت الثقافة الهندية تقوم في الدولة الإسلامية بجانب الثقافة اليونانية , ويشترك بعض الهنود في التدريس باللغة الفهلوية , كما أن الدولة الإسلامية غصت بالسبايل والموالي , ونبغ من هؤلاء الموالي كثيرون , منهم أبو العطاء السندي , وكان شاعرا , وابن الأعرابي , وكان لغويا , أبو معشر نجيح السندي صاحب المغازي , وكان محدثا , بيد أن الطريق بين البلاد العربية والهند كانت مفتوحة للتجارة قبل ظهور الإسلام , يدلك عليه وجود ألفاظ هندية في اللغة العربية كزنجبيل وكافور وأبنوس وبغاء وخيرزان وفلفل وأهليج , فلما فتحت بعض الإقاليم الهندية قويت أباب الإتصال التجاري بين البلدين , فكان يجلب من الهند اليود والسكر والغاب الهندي , وتبعا لذلك زاد الإتصال العلمي بينهما , ومع ذلك فإن هنالك طريقة أخرى كانت أقرب للعرب للحضارة الهندية , فقد نقل المسلمون الحضارة الهندية التي دونها الفرس في كتبهم , وذلك بالقيام بنقل الكتب الفارسية إلى اللغة العربية , وتحصيل ذلك أنه لبعد الهند عن عاصمة الدولة الإسلامية قل النقلة عنهم , فلم يشتهر من المترمجين عن الهندية سوى مفكة الهندي , وإسحاق بن سلمان بن علي الهاشمي ؛ حيث كان ينقل من اللغة الهندية إلى اللغة العربية من اللسان الهندي , وعني الفرس بنقل ثقافة الهند لقربهم منها , , ثم نقلت آثارهم عن الفارسية إلى العربية لما امتزجت ثقافة الفرس بثقافة المسلمين .
القصص والآداب :
تعتبر الهند القديمة مصدرا مهما من مصادر الآداب القصصية وأن كثيرا مما وصل إلينا إلى الغرب جاء عن الهند . وفي الحق برز الهنود في القصص وخاصة القصص على لسان الحيوان .
وقد انتشرت هذه القصص على ما يبدو في بلاد الهند وما جاورها قبل انتشارها في غيرها من البلاد , وذلك لكثرة أدغالها التي تسكنها الحيوانات المفترسة والطيور على إختلاف أنواعها . فمن المعقول أن يكون معرفة سكان هذه البلاد بتلك الحيوانات في ظروف مختلفة قد لفت أنظارهم هم إلى حياتها وطباعها وعاداتها في بيئاتها الطبيعية , فكانت هذه الحياة مادة غزيرة ومنبعا فياضا استقى منه السكان تلك الحكايات التي جرت على ألسنة عامتهم , ثم من دونها بعد تهذيبها حكماؤهم , ومن ثم انتشرت في بقاع أخرى من الأرض .
وارتقى النوع الإنساني في سلم الحضارة فأخذ الأدباء يتباهون بمواهبهم العقلية واستعدادهم الفني , ويتسابقون في مضمار الأدب , فأحدثوا من فنونه ما أحدثوا , وابتكروا , وكان من الفنون المحببة إليهم تقديم النصح والإرشاد الخلقي في صورة حكايات تروى عن لسان الحيوانات والطيور مصوغة في إسلوب شعري قصصي طلي , في قالب نثري طريف فكاهي .
وصاحب هذا الرأي لا شك أنه قد وضع نصب عينيه مخطوط كليلة ودمنة , ومن المخطوطات العربية التي نقلها المسلمون عن الهند أيضا كتاب "سندباد الكبير" وكتاب "سندباد الصغير" , وكتاب السيد , وكتاب بوناسف وبلوهر , وكتاب بوناسف مفرد , وكتاب أدب الهند والصين , وكتاب هابل في الحكمة , وكتاب الهند في قصة هبوط آدم , وكتاب طريق , وكتاب دبك الهندي في الرجل والمرأة , وكتاب
حدودالمنطق الهند , وكتاب ساديوم , وكتاب ملك الهند للقتال والسياح , وكتاب بيدبا الحكمة .

تحرير: الطالب شريف حمدي الخلفاوي طالب بقسم المكتبات والمعلومات كلية الآداب جامعة المنوفية الفرقة الرابعة

No comments: